لفتت صحيفة "فورين بوليسي"، الى أنه "مع قيام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب قواتها من شمال سوريا، أصبحت البلاد منطقة إقليمية حرة للجميع، فإنسحاب القوات الأميركية هذا الأسبوع، أثار نقاشين في عواصم المنطقة"، مشيرة الى أن "النقاش الأول وهو الأكثر وضوحا يتعلق بما إذا يمكن الوثوق بحكومة الولايات المتحدة كشريك، بالنظر إلى تخليها الواضح عن الأكراد. أما النقاش الثاني يتعلق بكيفية وصول اللاعبين الدوليين الباقين في سوريا إلى توازن سياسي جديد".
ورأت الصحيفة أن "الإنسحاي الأميركي خلق فوضى إستراتيجية وأخلاقية إضافية في الصراع المستمر منذ ثماني سنوات في سوريا، لكن يبقى من غير الواضح من سيستفيد استفادة كاملة. فبعض الشراكات القائمة تتفكك، في حين أن بعضها الآخر يتعمق"، معتبرة أن "ما هو واضح هو أنه من المحتمل أن تظهر انقسامات أعمق بين روسيا وإيران وتركيا، وهي ثلاث جهات كانت في السابق متحدة في معارضتها لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة".
وأوضحت أنه "على الرغم من أن قادة من موسكو وطهران وأنقرة يعملون على حل النزاع في سوريا من خلال إطار اللجنة الدستورية السورية التي تقودها روسيا، فإن الخلافات بينهم منعت الوصول الى أي تقدم جدي. ففي الوقت الذي بدأت فيه تركيا توغلها في الأراضي التي كانت تحتلها في السابق القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة ، كان رد فعل روسيا مكون من مزيج من القلق الضمني والتعبيرات الصريحة حول النزاهة وضبط النفس، وبالتالي فإن إحباط الكرملين سيزداد مع توسع تركيا في هجماتها".
وبينت الصحيفة أنه "في هذه الأثناء، في العواصم العربية القوية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قوبلت أخبار الانسحاب الأميركي بقلق"، مذكرة أنه "قبل أقل من عام، أعادت دولة الإمارات إقامة علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا بإعادة فتح سفارتها في دمشق. منذ ذلك الحين، أصبحت الإمارات جزءا رئيسيا من عملية حل النزاع في سوريا"، "معتبرة أنه "في الرياض، سيؤدي انسحاب الولايات المتحدة إلى تعميق التوترات مع تركيا. السعوديون أنفقوا رأس المال الدبلوماسي والاقتصادي، لتخفيف التوترات بين القوات الديمقراطية السورية التي يقودها الأكراد والقبائل العربية في شمال سوريا، ولن يكونوا سعداء بالعدوان التركي الذي يهدد هذا العمل".
ورأت الصحيفة أن "هذا الأسبوع شهد حدثا نادرا في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، وهو اتفاق بين كل دولة إقليمية تقريبًا باستثناء تركيا، على أن توغل تركيا في شمال سوريا لا يهدد مستقبل الأكراد فحسب، بل يهدد أيضًا الاستقرار الأساسي للبلد بأسره. وهكذا، فإن أوضح نتيجة لقرار الولايات المتحدة بالانسحاب كانت ضمانًا لأن الصراع المستمر منذ ثماني سنوات سيستمر دون أي نهاية في الأفق".
*ترجمة "النشرة".